خرجت من كوبنهاغن ظهرا و توجهت الى مالمو السويدية و قطعت الجسر اللذي يربط بين الدنمارك و السويد، و على ذكر الجسر احب ان اوصي على مسلسل الجسر و تاتي احداثة في نفس المنظقة و كعادة الامريكان اعادو انتاج المسلسل بعد نجاحه و لكن فشل. كُنت ساكن عن طريق ايربنب في شقة ليست بالقريبه من وسط المدينة حيث كنت اضطر الى ركوب الباص حتى الوصول للمنطقة، سكنت في غرفة جيدة عند جيليوم و هانا، جيليوم ذكر لي انه فرنسي لا اعلم عن هانا ولكن يبدوا انها سويدية فهي صهباء. جيليوم عاش في اكثر من بلد منها اوسلو حيث عاش اكثر من خمس سنوات فيها و ايضا اعطاني بعض التوصيات عند زيارة اوسلو. هذه اهم ميزات السكن عند المحليين حيث تسمع توصياتهم وتكون من صالحك. و ذكر ان مالمو لا تعتبر من دول السويد فتعجبت كيف ذلك فذكر ان اغلب سكان مالمو هم مهاجرين فقبل نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل ساهمت السويد في الجاء المهاجرين حيث انها التزمت بالحياد في الحرب ولم تخضها، فكانت بوابة الدخول للسويد هي مالمو. بعضٌ منهم عادوا الى مواطنهم بعد انتهاء الحرب و لكن كثيراً منهم استقروا و عاشوا فيها. فعلى حد قوله ان المهاجرين غيروا من هذه المدينة كثيراً.
بعد ما وصلت الى مالمو، كنت متّفق مع جيليوم اني ساحضر بعد الخامسة، وهذه احد مشاكل ايربنب حيث انك يجب ان تُراعي اعمال اصحاب السكن فهم ليسوا متفرغين، فحجزت خٌزانة لاضع شنطتي حتى الخامسة، اخذت شريحة من محل سبعة احدعشر (نعم اسمه كذلك 7Eleven) الغريب ان هذا المحل موجود في كل دول العالم الا في دُولنا، فشريت الشريحة و قال انها فارغة يجب ان تشحنها فذكرت له اني احتاج انترنت فاشتريت واحد جيجا و خرجت، بعدها حاولت ان اشحنها ولم تقبل، اتصلت على خدمة العملاء ولم افهم شي حيث انها بالسويدية رجعت له و لكن لم يفدني فخرجت من محطة القطار الرئيسية بهدف ان اتجول حتى يحين موعد سكني، و انا اتجول صادفت محل Telenor و وجدت موظف ملامحه عربيّة لكن لست متاكد، شرحت له المشكلة و اوضح انه بِيع لي انترنت خاص بشرائح البيانات فقط. حلّ المشكلة شكرته وخرجت. بعدها توجهت لبيت ايبا حيث في الستينات رفضت بيعه عندما قرر السياسين هدم المباني القديمة و اعادة بناءها كمباني حديثة، في 1989 تبرعت به لـ مدينة مالمو و في بداية التسعينات فُتح للعامة، للاسف لم ادخله لانه يفتح يوم واحد في الاسبوع اعتقد انه يوم الاربعاء. اكملت تجولي حتى احسست بالتعب فدخلت مقهى بيت الاسبيرسو و هو بالمناسبة منتشر في جميع الدول الاسكندافيّة، و على ذكر المقاهي فهي منتشرة بكثرة في عموم البلاد و عندهم مفهوم الـ Fika فهي مثل مفهوم السائد عندنا قهوة المغرب او قهوة الضحى فتجد مثلا عند الثالثة عصراً كل المقاهي مزدحمة.
رجعت الى المحطة للاستعداد للذهاب الى السكن، اخذت شنطتي و ذهبت الى المكينة حتى استخرج تذكرة لم استطع ايجاد المحطة المفترض ان اقف فيها، اخذت رقم و انتظرت حتى اتى دوري عند موظفة محجبّة يبدوا انها سورية، القيت السلام وردّته و تكلمت معها بالعربيّة اني اريد تذكرة الى هذه المحطة و اريتها الجوال حيث ان اساميهم طويلة ولا اعرف كيف انطقها (Konserthuset) عرَفَتها و طبعت التذكرة و سالتها عن المكينة قالت هذه خاصة لما خارج المدينة فقط شكرتها و خرجت، ركبت الباص و توجهت للسكن وقابلت هانا خارج السكن رحّبت بي، ارتني المكان دردشنا قليلاً، ذكرتُ لها عن انغمار بيرجمان وماذا هو بالنسبة لهم اكتشفت انها لم تشاهد اي فلم له انصدمت بهذه الحقيقة بعدها هي سئلت جيليوم عن اذا كان سبق له ان شاهد فلم لبيرجمان ذكر انه شاهد فلم او فلمين، بعدها دخلت غرفتي لارتاح.
في اليوم التالي اعتبره هو ثاني اسوء يوم في هذه الرحلة، خرجت باكرا حتى يتسنى لي رؤية مالمو حيث اني في الغد ساغادرها، في الغالب اني في اليوم الاول في المدينة لا اضع خطة فاتجول في المدينة بعمومها، خرجت من السكن و قصدت قلعت مالمو و قد حولت الى متحف قديما، هذا المتحف غريب فتجد فيه كل شي، جمجة من القرن السادس عشر، و هيكل عظمي من القرن السابع عشر و قسم خاص لمن اكبر من سن الثامنة عشر حيث انه مُرعب فتجد زنازين سجن اذا فتحت بابها تسمع شخصاً يتوسل اليك، طبعا اغلبهن لمساجين اعدموا او هربوا للولايات المتحده ثم ياتيك كيف يتم الاعدام خرجت من هذا القسم و انا منخرش، ثم ياتيك قسم السجاد فتجد سجاد من ايران و تركيا وغيرها، و افضل قسم هو لاجئي الحرب العالمية الثانية فبعد كثرت اللاجئين و امتلاء الملاجئ اتخذ مدير المتحف قرار بتحويل المتحف الى ملجئ، كان يوجد كتيب بقائمة باسماء من لجئ الى المتحف، الغريب اني وجدت مصري لاجئ اسمه احمد بحثت عنه في الانترنت ولم اجد اي اثر له، و كان يوجد كتيب يروي قصص اللاجئين سواءً من بقي في السويد او حتى من رحل، حتى ان بعضهم رجع بعد فترة للمتحف اللذي آواه و كانت صورهم تملى الكُتيب، ثم بعدها قسم الباص الابيض وهي عمليّة قام بها الصليب الاحمر السويدي لانقاذ السجناء السويديين بعدها تطورت وشملت اكثر من دولة منها البولنديين و الفرنسيين وغيرهم، في تلك العملية اُنقذ مايقارب الخمسة عشر الف سجين نصفهم سويديين.
خرجت من المتحف و توجهت قاصدا الشاطئ، و انا امشي هطل مطر ليس بالكثيف فاخرجت مظلتي فهي معي ولكن لم استفد منها حيث انه هبّ هواءٌ بارد لم استطع ان اتّقي منه فعدت ادراجي لعلي اجد ما يقيني المطر و الهواء، بعد ما تجّمدت تقريبا وجدت مقهى لا اعلم من اين خرج او اين انا الان حتى، دخلت وطلبت قهوة لتُدفِيني و مسحت ما علِق في ملابسي و انتظرت الى ان خف المطر فلم اعد اريد ان اخرج بعد هذا اليوم. كُنت خائف ان تُصيبَني حُمى و انا في بداية الرحلة، و انا جالس اذ صاحب المحل و كما يبدوا انه ابوه يتكلمون العربيّة فلم انتبه عند الدخول عن ملامحه و بعد مايقارب الساعة تقريباً خف المطر فهممت بالخروج و شكرته بالعربيّة، بعد البحث يبدوا انها سلسلة مقاهي اسمها Sandys و هنا احداثيات المقهى اللذي حماني 55.607516, 12.991585. وصلت السكن وهي تقريبا الثالثه عصرا او ماشابه فلم اخرج بعدها :).
في اليوم التالي خرجت من السكن و القيت المفتاح في صندوق بريد جيليوم، و كُنت عائد الى كوبنهاغن لحضور حفلة اندري ريو حيث تقام في مسرح Forum، وصلت للفندق و جلست ولم اخرج في ذلك اليوم، و في الثامنة الا رُبع خرجت قاصداً المسرح حيث كان قريب من الفندق وصلت و كان مُكتظ مع انه في كل سنة يزور كوبنهاغن في جولته السنوية، كان العرض عظيم خرجت في الحادية عشر تقريباً و وجدت كُشك تركي يبيع الشاورما اخذت منه واحده و اكلتها و انا عائد للفندق، في الغد استيقظت قبيل الظهر و توجهت الى مالمو حيث لدي رحلة طيران الى مدينة فيسبي في جزيرة جوتلاند السويدية. كان المطار نسبياً بعيد عن المدينة و كانت الطريقة الوحيده للوصول عن طريق الباص، كان الباص يمر كل ساعة، توقفت عند محطة Triangeln و انا في القطار اشتريت تذكرة الكترونية من موقع الباص بمئة كرونا اي مايقارب الخمسين ريال سعودي، عندما وصلت للمحطة اكتشفت انّ لها مخرجين بشكل طولي فلم استطع ان احدد اي المخرجين سيقف فيها الباص، فوقفت في الموقف المشار اليه في خرائط جوجل ولم يمر فعندما مر مايقارب الخمسة عشر دقيقة توجهت الى الحل الوحيد المكلف و الغير محبب لديّ هو التاكسي، اخبرته اني ارغب بالتوجه الى المطار اخبرني انه يكلف 400 كرونا و انه هذي تسعيرة وبدا يُخرج لي اوراق فيها التساعير فقلت يارجل اصدقك، مع اني لم امتعظ او اساله ان يُخفضها. وعندما وصلت وجدت الباص اللذي كُنت انتظره عليه اللعنه قد وصل، في النهاية خسرت مايقارب 500 كرونا اي 200 ريال سعودي. كُنت حاجز على خطوط Malmö Aviation و لكن قبلها بايام احببت ان اتاكد عن الحجز و لكن لا اعلم ماحدث و لكن بعض الخطوط دُمجت تحت اسم واحد BRA و اذا برقم الحجز لا ياتي بنتيجة، ارسلت لهم بريد الكتروني اشرح فيها مُشكلتي بعد الدمج فأتاني الرد بعد خمس دقائق برقم الحجز الجديد. على فكرة هي تعتبر شركة طيران صغيرة :) فهي لا تملُك الا 12 طيارة من نوع Avro.
ركبنا الطائرة ولم يكن فيها الا ثلاثين راكب تقريبا، و مُظيفة واحدة، و الطائرة كانت من نوع ATR 72 فهي اشبه بركوب سيارة من الثمانينات فكل الطائرة تصدر اصوات هواء و طقطقة حتى السماعات لم تُفِد، وصلنا المطار و كان صغير نسبيا كنت حاجز لي سيارة من قبل من يوروكار عندما وصلت لم اجد الموظف، فابلغني الموظف الخاص ب هيرتز ان اتصل به على الجوال المدون في المكتب، اتصلت به و قال انا الان قادم عندما وصل اعتذر و قال توقعتك انك قادم في الرحلة اللتي تاتي في الخامسة، و هو يسعى في الاجراءات قال لي يبدوا انك من مُحبي انغمار بيرجمان قلت لا ولكن اجد ان افلامه عظيمة قال لي انه متواجد هنا من 2004 ولم يلتقي به من قبل و لكن التقيت بابنته اكثر من مرّه. قلت اني هنا لاضرب عصفورين بحجر واحد زيارة مدينة فيسبي التاريخية و ايضا زيارة جزيرة فارو اللتي عاش فيها بيرجمان، ذكر لي انه يوجد احتفال سنوي يقام في الجزيرة. شكرته و خرجت و كنت متوجه للسكن في فندق على بحيرة و في الصور كان مكان جميل، الفندق يبعد عن فيسبي تقريبا نص ساعة، لما وصلت كان داخل اشبه بالمزرعة اوقفت السيارة و توجهت للمبنى و انا اتذكره في الصور انه كما يبدو انه الفندق، كان الباب مردود فطرقت الباب اكثر من مره وانتظرت ثم فتحته فاذا برجل عاري اعتذرت منه و اغلقت الباب فخرج لي فسالته عن الفندق فلم افهمه وهو لم يفهمني و لكنه اشار الى بيت في الناحية الاخرى، توجهت له و لم اجد احد ولم اطرق الباب خِيفة ان يخرج لي رجل عاري آخر ، ركبت في السيارة و انتظرت قليلا و انا ابحث عن فندق اخر حجزت داخل مدينة فيسبي، توجهت للمدينة و وضعت حقيبتي داخل الغرفه و خرجت باحثا عن مطعم فانا لم اكل طول اليوم، عند البحث وجدت مطعم هندي، لم لا، توجهت و طلبت ارز مع ماسالا دجاج، لم اذق اسوء من ارز هذا المطعم استغفر الله، عندما انتهيت و توجهت لاحاسب سالني من اين انت قلت من السعودية، فكنت مهتم كيف ان اجد مطعم هندي في هذه المدينة النائية، فسئلته فذكر لي انه باكستاني وليس هندي و انه متواجد هنا من عشر سنوات تقريبا وذكر ان الجالية الباكستانية كثيرة في هذه المدينة. رجعت و ارتحت في الفندق بعد يوم طويل.
شطحة
